فصل: فصل: في مسألة جمع العصر إلى الجمعة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **


8621 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ هل تكون قراءة القرآن في المسجد وكذلك التسبيح والتهليل والتكبير سرًّا أو جهراً إذا أمن الأذى، وما حكم الاجتماع يوم الجمعة قبل الخطبة على مقرىء واحد والاستماع له وترك القراءة الفردية كما يفعل في بعض البلدان‏؟‏ وهل له أصل في الشرع‏؟‏ وهل هناك ما يمنع من وضع المصحف في المخباة أثناء الذهاب إلى المسجد أو في الصلاة‏؟‏ وهل هذا ينافي احترامه‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ ينبغي أن ينظر في ذلك إلى المصلحة فإذا كان الجهر بذلك أنشط له، وأحضر لقلبه، وأنفع لغيره ممن يحب الاستماع فالأفضل الجهر إذا لم يشوش على غيره من المصلين، والقارئين، والذاكرين، وإذا كان الإسرار بذلك أخشع له، وأبعد عن الرياء فالأفضل الإسرار‏.‏

وأما الاجتماع على قاريء واحد فينظر فيه أيضاً إلى المصلحة فإذا كان في نطاق ضيق بحيث يختار جماعة من الناس أن يسمعوا قارئاً يجلسون حوله، ولا يؤذون أحداً، ولا تشوش قراءته على أحد، ورأوا أن استماعهم لقراءته أخشع لقلوبهم، وأفهم للمعاني فلا بأس بذلك، وقد طلب النبي صلى الله عليه وسلم من عبدالله بن مسعود أن يقرأ عليه فقال‏:‏ يا رسول الله أقرأ عليك القرآن وعليك أنزل‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏نعم إني أحب أن أسمعه من غيري‏)‏ فقرأ عليه سورة النساء حتى بلغ قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً ‏}‏ قال‏:‏ ‏(‏أمسك‏)‏ فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عيناه تذرفان‏.‏

أما إذا كانت القراءة عامة كما يفعل في بعض البلدان فليس بجائز؛ لأنه يشوش على المصلين، والقارئين، والذاكرين، وليس كل الناس يرغبون ذلك، وهو أيضاً بدعة لم يكن معروفاً عند السلف وفيه مدعاة لإعجاب القاريء بنفسه، والكسل والخمول عن الطاعة، حيث أن المستمعين يركنون إلى الاستماع ويتركون القراءة بأنفسهم، ولأن الناس لا يستطيعون التعبد مع هذا الصوت القوي، وليس لهم شوق إلى استماعه، فيبقون لا متعبدين ولا مستمعين، ويحصل لهم الكسل والنعاس‏.‏

وليس في وضع المصحف في المخباة امتهان له إذا لم يدخل به الأماكن التي يجب تنزيهه عنها‏.‏

* * *

9621 سئل فيضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ عن حكم تخطي الرقاب يوم الجمعة‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ تخطي الرقاب حرام حال الخطبة وغيرها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لرجل رآه يتخطى رقاب الناس‏:‏ ‏(‏اجلس فقد آذيت‏)‏ ويتأكد ذلك إذا كان في أثناء الخطبة؛ لأن فيه أذية للناس، وإشغالاً لهم عن استماع الخطبة، حتى وإن كان التخطي إلى فرجة؛ لأن العلة وهي الأذية موجودة‏.‏

* * *

0721 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ ما الواجب نحو من يتخطى الصفوف يوم الجمعة‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ يجب إجلاس المارين بين الصفوف أثناء خطبة الجمعة بدون كلام، ولكن يجر ثوبه أو يشير، والأولى أن يتولى ذلك الخطيب نفسه كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفعل، حيث رأى رجلاً يتخطى رقاب الناس وهو يخطب يوم الجمعة فقال‏:‏ ‏(‏اجلس فقد آذيت‏)‏ ‏.‏

* * *

1721 سئل فضيلة الشيخ‏:‏ إذا مر السائل أمام الصفوف يوم الجمعة قبل الخطبة أو في أثنائها هل يجوز رده أو إعطاؤه‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ يجب إجلاس المار من بين الصفوف أثناء خطبة الجمعة بدون كلام، ولكن بالإشارة إليه، والأولى أن يتولى ذلك الخطيب كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل حيث رأى رجلاً يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة فقال‏:‏ ‏(‏اجلس فقد آذيت‏)‏ ‏.‏

وأما إعطاؤه في هذه الحال فلا يجوز؛ لأنه إغراء له وإعانة على الاستمرار في هذا العمل المحرم‏.‏

* * *

2721 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ عن حكم حجز المكان في المسجد‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ حجز الأماكن إذا كان الذي حجزها خرج من المسجد فهذا حرام عليه ولا يجوز؛ لأنه ليس له حق في هذا المكان، فالمكان إنما يكون للأول فالأول، حتى إن بعض فقهاء الحنابلة يقول‏:‏ إن الإنسان إذا حجز مكاناً وخرج من المسجد فإنه إذا رجع وصلى فيه فصلاته باطلة؛ لأنه قد غصب هذا المكان؛ لأنه ليس من حقه أن يكون فيه وقد سبقه أحد إليه، والإنسان إنما يتقدم ببدنه لا بسجادته، أو منديله، أو عصاه، ولكن إذا كان الإنسان في المسجد ووضع هذا وهو في المسجد لكن يحب أن يكون في مكان آخر يسمع درساً، أو يتقي عن الشمس ونحو ذلك فهذا لا بأس به، بشرط أن لا يتخطى الناس عند رجوعه إلى مكانه، فإن كان يلزم من رجوعه تخطي الناس وجب عليه أن يتقدم إلى مكانه إذا حاذاه الصف الذي يليه لئلا يؤذي الناس‏.‏

* * *

3721 سئل فضيلة الشيخ‏:‏ إذا أخطأ الخطيب في الخطبة فهل يرد عليه المستمع‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا أخطأ الخطيب في خطبة الجمعة خطأ يغير المعنى في القرآن خاصة، فإن الواجب أن يرد عليه لأنه لا يجوز أن يغير كلام الله عز وجل إلى ما يتغير به المعنى، فلا يجوز الإقرار عليه فليرد على الخطيب‏.‏

أما إذا كان خطأ في كلامه فكذلك يرد عليه مثل لو أراد الخطيب أن يقول‏:‏ هذا حرام، فقال‏:‏ هذا واجب فيجب أن يرد عليه؛ لأنه لو بقي على ما قال‏:‏ إنه واجب لكان في ذلك إضلال الخلق، ولا يجوز أن يقر الخطيب على كلمة تكون سبباً في ضلال الخلق‏.‏

أما الخطأ المغتفر الذي لا يتغير به المعنى فلا يجب عليه أن يرد، مثل لو رفع منصوباً، أو نصب مرفوعاً على وجه لا يتغير به المعنى فإنه لا يجب أن يرد عليه، سواء كان ذلك في القرآن، أو في غير القرآن‏.‏

* * *

4721 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ عن حكم رد السلام‏؟‏ وتشميت العاطس أثناء خطبة الجمعة‏؟‏ وما حكم مصافحة من مد يده أثناء خطبة الجمعة‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ رد السلام وتشميت العاطس أثناء خطبة الجمعة لا يجوز؛ لأنه كلام، والكلام حينئذ محرم؛ ولأن المسلم لا يشرع له السلام في هذه الحال، فسلامه غير مشروع فلا يستحق جواباً‏.‏

والعاطس غير مشروع له حال الخطبة أن يجهر بالحمد فلا يستحق أن يشمت‏.‏

وأما مصافحة من مد يده فهو أهون، والأولى عدمه؛ لأنه مشغل إلا أن يخشى من ذلك مفسدة فلا بأس أن يصافح اتقاء للمفسدة لكن بدون كلام، وتبين له بعد الصلاة أن الكلام حال الخطبة حرام‏.‏

* * *

5721 وسئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ إذا دخل الإنسان المسجد والمؤذن يؤذن فماذا يفعل‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ يجيب المؤذن أولاً، ثم يصلي إلا إذا كان الأذان أذان الجمعة الذي بعد حضور الخطيب فيصلي ولا يجيب المؤذن؛ ليتفرغ لاستماع الخطبة؛ لأن استماع الخطبة أهم من إجابة المؤذن‏.‏

* * *

6721 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ إذا دخل الرجل المسجد يوم الجمعة والمؤذن يؤذن الأذان الثاني فهل يصلي تحية المسجد أو يتابع المؤذن ثم يصلي تحية المسجد‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ ذكر أهل العلم أن الرجل إذا دخل المسجد وهو يسمع الأذان الثاني فإنه يصلي تحية المسجد ولا يشتغل بمتابعة المؤذن وإجابته، وذلك ليتفرغ لاستماع الخطبة؛ لأن استماعها واجب، وإجابة المؤذن سنة، والسنة لا تزاحم الواجب‏.‏

* * *

7721 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ لاحظت في صلاة الجمعة وأثناء جلوس الإمام بين الخطبتين أن بعض المصلين قاموا فصلوا ركعتين ثم جلسوا فما حكم هذه الصلاة‏؟‏ وهل يجوز أن يقوم الرجل للصلاة بعد جلوسه إذا دخل‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ هذه الصلاة غير مشروعة؛ لأن المشروع بعد دخول الإمام أن يستمع الناس إلى الخطبة وأن يتابعوا إمامهم، وبين الخطبتين أن ينتظروا الإمام في الخطبة الثانية، وإن دعوا بين الخطبتين بدعاء يختارونه فهذا حسن، لأن هذا الوقت من الأوقات التي ترجى فيها إجابة الدعاء، فإن في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله شيئاً إلا أعطاه الله تعالى ما دعا به‏.‏

نعم يقوم الرجل لصلاته بعد جلوسه ليؤدي تحية المسجد إذا لم يؤدها فإن رجلاً دخل يوم جمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال له النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أصليت‏؟‏‏)‏ قال‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏قم فصل ركعتين‏)‏ ‏.‏ أما إذا جلس وطال الفصل فلا يصلي هذه التحية؛ لأن السنة إذا فات محلها سقط الطلب بها‏.‏

* * *

8721 وسئل فضيلته رحمه الله تعالى ‏:‏ يلاحظ على بعض المصلين إذا دخلوا المسجد يوم الجمعة والإمام يخطب أداء ركعتين، ثم يقومون لأداء ركعتين أخريين بين الخطبتين، فما حكم هذا العمل‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا دخل الإنسان يوم الجمعة والإمام يخطب فإنه يصلي ركعتين خفيفتين، لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن رجلاً دخل يوم الجمعة والرسول صلى الله عليه وسلم يخطب فقال له‏:‏ ‏(‏أصليت‏؟‏‏)‏ قال‏:‏ لا، فقال‏:‏ ‏(‏قم فصلِّ ركعتين، وتجوز فيهما‏)‏، ولا يصلي غيرهما لا في أثناء الخطبة، ولا بين الخطبتين، بل الذي يجب الإنصات للخطبة‏.‏

وإن اشتغل بين الخطبتين بالدعاء فحسن، لأنه وقت ترجى فيه إجابة الدعاء، فقد ثبت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن في الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياه، ومنتظر الصلاة في المسجد في صلاة فلعله أن يصادف ساعة الإجابة فيستجيب الله دعاءه‏.‏ والله الموفق‏.‏

* * *

9721 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ إذا صلى المسافر الجمعة، هل تسقط عنه الراتبة‏؟‏ وهل يجمع معها العصر‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ المسافر إذا كان في بلد تقام فيه الجمعة فإنه يجب عليه أن يصلي الجمعة، لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَوةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْاْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُواْ الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ‏}‏، والمسافر من المؤمنين فيدخل في العموم، ولا يقول أنا مسافر سأقصر، فإذا صلى الجمعة فإنها ليس لها راتبة قبلها‏.‏ ولكن لها راتبة بعدها فهل يصلي الراتبة أم لا‏؟‏ الظاهر أنه لا يصلي الراتبة، ولكن يصليها نفلاً مطلقاً، وإنما قلنا الظاهر أنه لا يصلي؛ لأن العلة من ترك الراتبة ليس القصر، بدليل أن المغرب للمسافر ليست مقصورة ومع ذلك لا يصلي لها الراتبة‏.‏

فنقول‏:‏ ليست للجمعة راتبة في حقك، ولكن إن صليت تطوعاً مطلقاً بغير قصد الراتبة فلا بأس‏.‏

والجمعة لا يجمع إليها العصر؛ لأن الجمعة صلاة مستقلة لا يجمع إليها ما بعدها، ولا تجمع هي أيضاً إلى ما بعدها فتأخر؛ فإن السنة الواردة هي الجمع بين الظهر والعصر، فقط لا بين الجمعة والعصر، والجمعة تخالف الظهر في مسائل كثيرة‏.‏

* * *

0821 وسئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ عن رجل توضأ بعد عصر الجمعة ليصلي لأجل الدعاء، فما رأيكم‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ هذا لا يجوز، إذا كان ليس من عادة الإنسان أنه يصلي إذا توضأ، لكن توضأ لأجل أن يصلي فهذا إن توضأ حرام عليه أن يصلي، لأن الصلاة التي ليس لها سبب في هذا الوقت حرام‏.‏

* * *

1821 وسئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ هناك إمام جامع يقوم بالصلاة الإبراهيمية قبل خطبة الجمعة، هو وجماعة المسجد بصوت جماعي فما الحكم‏؟‏ أفتونا مغفوراً لكم‏؟‏

وما حكم حضور الخطيب مبكراً للمسجد وجلوسه فيه إلى حين وقت الخطبة‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الصلاة الإبراهيمية كما يسميها بعض المتأخرين هي‏:‏ اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وهذه الصلاة إذا أتى بها الإنسان كما وصف السائل قبل الخطبة بصوت جماعة فقد فعل بدعة، فلم يفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام محذراً أمته‏:‏ ‏(‏إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار‏)‏، والمشروع لأهل المسجد قبل مجيء الإمام أن يشتغلوا بالصلاة، وقراءة القرآن، والذكر، كل على انفراده بدون أن يجتمعوا على ذلك‏.‏

وأما الإمام فالمشروع في حقه إذا دخل أن يسلم أول ما يدخل على من حول الباب، ثم يصعد المنبر ويتوجه إلى الناس ويسلم عليهم عامة، ثم يجلس إلى فراغ الأذان، ثم يقوم فيخطب الخطبة الأولى، ثم يجلس، ثم يخطب الخطبة الثانية، ثم ينزل فيصلي بالناس هذا هو المشروع للإمام في يوم الجمعة، ولا ينبغي للإمام أن يتقدم إلى المسجد قبل حلول وقت الخطبة والصلاة، كما يفعله بعض الناس المحبين للخير الذين يرغبون في السبق إلى الطاعات، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يفعل هذا، فلم يكن عليه الصلاة والسلام يتقدم إلى المسجد في يوم الجمعة ينتظر الخطبة والصلاة، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، فالذي ينبغي للإنسان أن يكون متحرياً لهدي النبي صلى الله عليه وسلم فإنه خير الهدي‏.‏

وأما الجماعة الذين ينتظرون الإمام فإنهم كلما تقدموا إلى الجمعة كان ذلك أفضل كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال‏:‏ ‏(‏من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الخامسة فكأنما قرب بيضة‏)‏ ‏.‏

* * *

2821 وسئل فضيلة الشيخ‏:‏ إذا كان الخطيب يخطب الناس في صلاة الجمعة، فدخل رجل فجلس دون أن يصلي ركعتين، فأنكر عليه، هل يشرع في حقه تكرار الإنكار على الأشخاص الاخرين الذين يدخلون بعده، ولم يعلموا، أرجو توضيح هذه المسألة وجزاكم الله خيراً‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا دخل الإنسان والإمام يخطب يوم الجمعة ثم جلس، فالخطيب لا ينكر عليه مباشرة، بل يقول كما قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أصليت‏؟‏‏)‏ فإن قال‏:‏ لا، فيقول له‏:‏ ‏(‏قم فصل ركعتين‏)‏ وإن قال‏:‏ صليت، انتهى الأمر، وكذلك لو دخل ثان وثالث فإنه يقول لهم هذا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم إذا قال قولاً، أو فعل فعلاً في حادثة فهو لجميع الحوادث المماثلة‏.‏

* * *

3821 وسئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ النهي عن التحلق يوم الجمعة هل يقصد به قبل الصلاة مباشرة أو بعد صلاة الفجر‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الظاهر أن التحلق قبل أن يحضر الناس إلى المسجد لا بأس به، وإنما نهى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن التحلق، لئلا يضيقوا على الناس الذين يأتون إلى الصلاة، وغالباً بعد الفجر لا يوجد ناس‏.‏

* * *

4821 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ ما حكم الاجتماع يوم الجمعة قبل الخطبة على مقرىء واحد‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الاجتماع على قارىء واحد ينظر فيه إلى المصلحة فإذا كان في نطاق ضيق بحيث يختار جماعة من الناس أن يسمعوا قارئاً يجلسون حوله ولا يؤذون أحداً، ولا تشوش قراءته على أحد، ورأوا أن استماعهم لقراءته أخشع لقلوبهم، وأفهم للمعاني فلا بأس بذلك، وقد طلب النبي صلى الله عليه وسلم من عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أن يقرأ عليه فقال‏:‏ يا رسول الله‏:‏ أقرأ عليك القرآن وعليك أنزل‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏نعم، إني أحب أن أسمعه من غيري‏)‏ فقرأ عليه سورة النساء حتى بلغ قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً شَهِيداً ‏}‏ فقال‏:‏ ‏(‏حسبك الان‏)‏ فإذا عيناه تذرفان، متفق عليه‏.‏

أما إذا كانت القراءة عامة كما يفعل في بعض البلدان فليس بجائز؛ لأنه يشوش على المصلين والقارئين والذاكرين، وليس كل الناس يرغبون ذلك، وهو أيضاً بدعة لم يكن معروفاً عند السلف، وفيه مدعاة لإعجاب القارىء بنفسه، وللكسل والخمول عن الطاعة، حيث إن المستمعين يركنون إلى الاستماع ويتركون القراءة بأنفسهم؛ ولأن الناس لا يستطيعون التعبد مع هذا الصوت القوي، وليس لهم شوق إلى استماعه فيبقون لا متعبدين ولا مستمعين ويحصل لهم الكسل والنعاس‏.‏

* * *

5821 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى‏:‏ ما حكم قراءة القرآن جماعة بصوت واحد من أجل الحفظ وعدم النسيان‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا كان الجماعة يقرؤون القرآن بصوت واحد من أجل الاستعانة على الحفظ لا من أجل التعبد بذلك فلا بأس بشرط أن لا يحصل منهم تشويش على المصلين‏.‏

* * *

6821 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ أغلب المساجد في ‏.‏‏.‏‏.‏ يقام فيها بين أذاني الجمعة درس فما حكم هذا العمل‏؟‏ وما حكم الصلاة بين السواري‏؟‏ فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الأولى أن لا تقام الدروس قبل صلاة الجمعة في المسجد؛ لأن ذلك يشغل الحاضرين عن الصلاة وقراءة القرآن‏.‏

وأما الصلاة بين السواري فهي جائزة عند الضيق، أما في حال السعة فلا يصلى بين السواري لأنها تقطع الصفوف‏.‏

* * *

7821 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ ما حكم التحلق في المسجد قبل صلاة الجمعة‏؟‏ وعن حكم صلاة النافلة في السيارة‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه نهى عن التحلق يوم الجمعة، وذلك لأن التحلق يوم الجمعة يؤدي إلى تضييق المسجد على المصلين القادمين إليه، لاسيما إذا كانت الحلق قريباً من كثرة الحضور وكان المسجد ضيقاً، فإن ضررها واضح جداً، أما إذا لم يكن فيها محذور فإنه لا محظور فيها؛ لأن الشرع إنما ينهى عن أشياء لضررها الخالص أو الغالب‏.‏

وأما قول السائل‏:‏ هل تجوز صلاة النافلة في السيارة‏؟‏ فجوابه‏:‏ إذا كان الإنسان مسافراً وصلى على السيارة إلى جهة سيره فلا حرج عليه سواء كان راكباً أم سائقاً إلا إذا كان اشتغاله بالصلاة في حال سياقته يؤثر فإنه يجب عله تجنب الخطر، وإذا نزل صلى التطوع إن لم يفت وقته، فإن فات وقته كما لو كان من عادته أن يصلي صلاة الضحى ولم يقف إلا بعد أذان الظهر فإنها سنة فات محلها فلا تقضى‏.‏ والله أعلم‏.‏

* * *

8821 وسئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ عن حكم رد السلام حال الخطبة‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ لا يجوز للإنسان أن يرد السلام على من سلم عليه والإمام يخطب، ولكن إزالة لما قد يقع في نفسه من عدم الرد فإنه إذا انتهى الخطيب من الخطبة ينبغي أو يجب أن يرد عليه السلام، ويقول له‏:‏ إن الخطبة ليست محلاً للسلام لا ابتداء ولا ردًّا، ولهذا يحرم في أثناء الخطبة ابتداء السلام ورد السلام، لأن الإنسان مأمور بالإنصات، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏إذا قلت لصاحبك‏:‏ أنصت‏.‏ يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت‏)‏، ومعنى اللغو‏:‏ أن الإنسان لا يكتب له أجر الجمعة، وإن كانت تجزئه‏.‏ ولكنه لا يكتب له أجرها وفضلها، ويحرم من هذا الفضل بسبب أنه اشتغل بكلمة واحدة وهي قوله لصاحبه‏:‏ ‏(‏أنصت‏)‏ فما بالك بقوم يتخذون من الخطبة مكاناً للتحدث فيما بينهم‏.‏

* * *

9821 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ هل يجوز رد السلام والإمام يخطب يوم الجمعة‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ لا يجوز للإنسان أن يسلم على أحد والإمام يخطب يوم الجمعة ولا يجوز لأحد أن يرد عليه سلامه، لكن إذا انتهت الخطبة ينبغي أن يرد أو يجب أن يرد عليه السلام، ثم يقول له نصيحة لئلا يقع في قلبه شيء يقول له‏:‏ إن السلام وقت الخطبة محرم، وإن رده محرم، وذلك إما بين الخطبتين، أو بعدهما أو بعد الصلاة‏.‏

* * *

0921 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ في يوم الجمعة دخلت المسجد للصلاة وفي أثناء الخطبة دخل المسجد واحد من المصلين فصلى تحية المسجد ثم جلس بجانبي وسلم عليّ باليد مصافحاً والإمام يخطب، فهل من حقي أن أصافحه باليد وأرد السلام عليه أو أعمل بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏من مسَّ الحصى فقد لغا، ومن لغا فلا جمعة له‏)‏، لذا أومأت له برأسي‏.‏ وبعدما فرغ الإمام من الخطبة سلمت عليه واعتذرت وأخبرته بالحديث، فما حكم ذلك‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الإنسان إذا جاء والإمام يخطب يوم الجمعة فإنه يصلي ركعتين خفيفتين ويجلس ولا يسلم على أحد، فالسلام على الناس في هذه الحال محرم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏(‏إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة‏:‏ أنصت، والإمام يخطب فقد لغوت‏)‏، وكذلك قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏من مس الحصى فقد لغا‏)‏، واللاغي، معناه الذي أتى شيئاً من اللغو، وربما يكون هذا الذي حصل منه مفوتاً لثواب الجمعة، ولهذا جاء في الحديث‏:‏ ‏(‏ومن لغى فلا جمعة له‏)‏، وإذا سلم عليك أحدٌ فلا ترد عليه السلام باللفظ، لا تقل‏:‏ وعليك السلام‏.‏ حتى لو قاله باللفظ، لا تقل وعليك السلام‏.‏

أما مصافحته فإنه لا بأس بها وإن كان الأولى أيضاً عدم المصافحة، وغمزه ليشعر بأن هذا ليس موضع مصافحة؛ لأن في المصافحة نوعاً من العبث الذي قد يخرج الإنسان عن تمام الاستماع للخطبة‏.‏ وما صنعت في كونك نبهته حين انتهت الخطبة على أن هذا أمر لا ينبغي فهو حسن وليت مثلك كثير‏.‏ فإن بعض الناس يكون جاهلاً في الأمر فيرد السلام‏.‏ أو ربما يحرجه ويتركه ويهجره، ولا يخبره إذا انتهى الخطيب لماذا صنع هذا، على أن من أهل العلم من قال‏:‏ له رد السلام، ولكن الصحيح أن ليس له أن يرد السلام؛ لأن واجب الاستماع مقدم على واجب الرد، ثم إن المسلم في هذه الحال ليس له حق أن يسلم والإمام يخطب؛ لأن ذلك يشغل الناس عن ما يجب استماعهم إليه، وأنه لا رد ولا ابتداء في السلام والإمام يخطب‏.‏

* * *

1921 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ يتحدث بعض المأمومين مع الإمام أثناء خطبة الجمعة أو مثلاً يصلح جهاز مكبر الصوت فيما لو حصل فيه عطل أثناء الخطبة لكي تعم الفائدة‏؟‏ هل يدخل هذا في المنع‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ التحدث مع الإمام بما فيه المصلحة، أو الحاجة لا بأس به فللإمام مثلاً أن يقول لمن دخل وجلس‏:‏ قم فصل ركعتين، وله أن يقول لمن يتردد بين الصفوف أو يتخطى الرقاب‏:‏ اجلس فقد آذيت، وله أيضاً أن يتكلم مع من يصلح جهاز مكبر الصوت إذا حصل فيه عطل، أو يتكلم مع إنسان ليفتح النوافذ إذا حصل على الناس غمّ، أو ضيق تنفس من حر أو ما أشبه ذلك‏.‏

المهم أن الخطيب له أن يكلم من شاء للمصلحة، أو للحاجة، وكذلك لغيره أن يكلمه للمصلحة، أو للحاجة‏.‏

* * *

2921 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ في بعض المساجد يتكلم بعض من لا يحسن العربية أثناء خطبة الجمعة، هل يحق للخطيب المداومة على التنبيه عليهم لأنهم يتغيرون‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا كثر الذين يتكلمون أثناء الخطبة يوم الجمعة فإن الخطيب نفسه يتكلم يقول‏:‏ بلغنا أن أناساً يتكلمون وهذا حرام عليهم، ويأتي بالحديث الدال على ذلك، ولكن المشكلة أنه ربما يقع الكلام من قوم لا يفهمون اللغة العربية فتقع المشكلة وحينئذ لا بأس أن يشير من حولهم بالإشارة ليسكتهم لا بالقول؛ لأن تسكيتهم بالقول محرم لقول النبي عليه الصلاة والسلام‏:‏ ‏(‏إذا قلت لصاحبك‏:‏ أنصت، يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت‏)‏ ‏.‏

* * *

3921 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ نرى بعض الناس يتساهلون في الكلام أثناء خطبة الجمعة فما حكم من يتكلم والإمام يخطب‏؟‏ وما واجبنا نحوهم‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الكلام يوم الجمعة والإمام يخطب حرام، وبه يفوت أجر الجمعة وثوابها الخاص، لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة‏:‏ أنصت، والإمام يخطب فقد لغوت‏)‏ لكن يجوز أن يتكلم الخطيب مع غيره لمصلحة فقد دخل رجل والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يخطب يوم الجمعة فجلس فقال‏:‏ ‏(‏أصليت‏؟‏‏)‏ قال‏:‏ لا، قال‏:‏ ‏(‏قم فصل ركعتين‏)‏ ‏.‏ ودخل رجل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال‏:‏ يا رسول الله‏:‏ هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع الله يغيثنا، فرفع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يديه وقال‏:‏ ‏(‏اللهم أغثنا‏)‏ ‏.‏ وفي الجمعة الأخرى دخل رجل وقال‏:‏ يا رسول الله، غرق المال، وتهدم البناء، فادع الله يمسكها عنا، فرفع يديه وقال‏:‏ ‏(‏اللهم حوالينا ولا علينا‏)‏ الحديث‏.‏

وبهذا يتبين أن من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو آثم، محروم من أجر الجمعة وثوابها، وإن كانت تجزىء عنه وتبرأ بها ذمته‏.‏

وأن من تكلم مع الخطيب، أو تكلم معه الخطيب لمصلحة فلا إثم عليه‏.‏

وأما واجبنا نحو من يتكلم والإمام يخطب فهو نصيحته وتحذيره من ذلك، لكن بعد انتهاء الخطبة، أما في أثناء الخطبة فيمكن تسكيته بالإشارة‏.‏

* * *

4921 وسئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ عن حكم رد السلام وتشميت العاطس أثناء خطبة الجمعة‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ رد السلام وتشميت العاطس أثناء خطبة الجمعة لا يجوز؛ لأنه كلام والكلام حينئذ محرم؛ ولأن المسلم لا يشرع له السلام في هذه الحال فسلامه غير مشروع فلا يستحق جواباً‏.‏

والعاطس غير مشروع له حال الخطبة أن يجهر بالحمد فلا يستحق أن يشمت‏.‏

* * *

5921 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ إذا كان الإمام يخطب يوم الجمعة فهل لمستمع الخطبة أن يرد السلام على من سلم عليه‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ لا يرد السلام عليه، ولكنه يشير إليه بيده حتى لا يكرر السلام مرة أخرى وحتى لا يكون في نفسه شيء، فإذا انتهى الإمام من الخطبة أخبره أنه لا يجوز له هو أن يسلم، ولا يستحق الرد‏.‏

* * *

6921 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ هل لمستمع الخطبة أن يشمت العاطس ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر الخطيب النبي صلى الله عليه وسلم‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ ليس له أن يشمت العاطس، والعاطس لا ينبغي له أن يحمد الله بصوت مسموع‏.‏

أما إذا ذكر الخطيب النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يصلي عليه سراً حتى لا يشوش على من حوله‏.‏

* * *

7921 وسئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ إذا دعا الإمام هل يؤمن على دعائه‏؟‏ ويقرن ذلك برفع اليدين‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ نعم يؤمن على دعائه؛ لأن الإمام يدعو لنفسه ولمن يستمع إليه‏.‏

أما رفع اليدين فلا ترفع إلا في موضعين‏:‏

الأول‏:‏ إذا دعا الإمام بالغيث فإنه يرفع يديه ويرفع الناس أيديهم، وأعني بالإمام الخطيب، إذا دعا الإمام بالغيث قال‏:‏ ‏(‏اللهم أغثنا‏)‏ فإنه يرفع يديه ويرفع المستمعون أيديهم كذلك‏.‏

ثانياً‏:‏ الاستصحاء إذا دعا الله بالصحو‏:‏ ‏(‏اللهم حوالينا ولا علينا‏)‏ فليرفع يديه وكذلك المستمعون، لما تقدم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه ، وما عدا ذلك فينهى عنه أي عن رفع اليدين حال الخطبة لا الخطيب ولا المستمع‏.‏

* * *

8921 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ هل التسوك والإمام يخطب يعد من اللغو‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ نعم يعد من اللغو، إلا إذا دعت الحاجة إليه مثل أن يصيبه النعاس فيستاك ليطرد النعاس فلا بأس‏.‏

* * *

9921 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ إننا نصلي مع جماعتنا في المسجد، ونلاحظ بعد صلاة الجمعة كثيراً من الجماعة يتنازعون ويتشاجرون، ما حكم ذلك‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ ينبغي للمسلم أن لا يشاجر إخوانه، ولا ينازعهم، وكل شيء يحدث العداوة والبغضاء فإن الشرع ينهى عنه، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيع الرجل على بيع أخيه، وأن يخطب على خطبة أخيه، لما في ذلك من العداوة والبغضاء‏.‏

لاسيما وأن هؤلاء قد خرجوامن صلاة الجمعة، وصلاة الجمعة كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم تكفر ما قبلها إلى الجمعة الأخرى، قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر‏)‏ ‏.‏ والله الموفق‏.‏

* * *

0031 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ بعض الأئمة في فجر الجمعة يقرأ سورة فيها سجدة عوضاً عن ‏{‏آلم تنزيل‏}‏ السجدة فما حكم هذا العمل‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ المشروع في فجر يوم الجمعة أن يقرأ الإنسان ‏{‏آلم تنزيل‏}‏ السجدة، في الركعة الأولى، و‏{‏هل أتى على الإنسان‏}‏ في الركعة الثانية‏.‏

وليس المقصود بقراءة ‏{‏آلم تنزيل‏}‏ السجدة التي فيها، بل المقصود نفس السورة، فإن تيسر له أن يقرأ هذه السورة في الركعة الأولى، و‏{‏هل أتى على الإنسان‏}‏ في الركعة الثانية فهذا هو المطلوب والمشروع، وإلا فلا يتقصد أن يقرأ سورة فيها سجدة عوضاً عن ‏{‏آلم تنزيل‏}‏ السجدة‏.‏

* * *

1031 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ من المعلوم أنه إذا وفق العيد يوم الجمعة سقطت الجمعة عمن صلى العيد، فهل تجب الظهر أم أنها تسقط كلية‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الصواب في ذلك أنه يجب عليه إما صلاة الجمعة مع الإمام، لأن الإمام سوف يقيم الجمعة، وإما صلاة الظهر؛ لأن عموم قوله تعالى‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَوةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ الَّيْلِ وَقُرْءَانَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْءَانَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ‏}‏ ‏(‏يعني لزوالها‏)‏ ‏{‏إِلَى غَسَقِ الَّيْلِ وَقُرْءَانَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْءَانَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ‏}‏ يتناول يوم العيد الذي وافق يوم الجمعة‏.‏ وعلى هذا فيجب على المرء إذا صلى مع الإمام يوم العيد الذي وافق يوم الجمعة، يجب عليه إما أن يحضر إلى الجمعة التي يقيمها الإمام، وإما أن يصلي صلاة الظهر، إذ لا دليل على سقوط صلاة الظهر، والله تعالى يقول‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَوةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ الَّيْلِ وَقُرْءَانَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْءَانَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ‏}‏ والظهر فرض الوقت وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏وقت الظهر إذا زالت الشمس‏)‏ ‏.‏

* * *

2031 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ لا تخفى علينا أهمية الجمعة وفضلها، وأن من حضر صلاة العيد سقطت عنه الجمعة وصلاها ظهراً، فهل هذا محل إجماع بين العلماء رحمهم الله، وما حكمة الشارع من ذلك‏؟‏ ومن حضر صلاة العيد ولم يتمكن من سماع الخطبتين هل يجب عليه حضور الجمعة أم لا‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ هذه المسألة ليست إجماعية ولا منصوصة من قبل الشارع نصًّا صحيحاً، بل النصوص الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في سقوط الجمعة ضعيفة، ولذلك كان مذهب كثير من العلماء أن الجمعة لا تسقط عن أهل البلد وتسقط عمن هو خارج البلد، وعللوا ذلك بأنهم إن بقوا بعد العيد إلى وقت الجمعة شق عليهم، وإن ذهبوا إلى محلهم شق عليهم الرجوع، وذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى وجوب الجمعة على أهل البلد وغيرهم، وذهب عطاء بن أبي رباح رحمه الله إلى سقوط الجمعة عن كل أحد ولا يصلون بعد العيد إلا العصر، قال ابن المنذر‏:‏ روينا نحوه عن علي بن أبي طالب وابن الزبير‏.‏ والمشهور من مذهب أحمد أن الجمعة تسقط عمن صلى العيد مع الإمام ولا تسقط عن الإمام، وتجب الظهر على من لم يصل الجمعة‏.‏

ولكن قد صح عن ابن الزبير رضي الله عنه أنه اقتصر على العيد ولم يصل الجمعة بعدها، وقال ابن عباس‏:‏ أصاب السنة، وفي صحيح مسلم عن النعمان بن بشير قال‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين وفي الجمعة ب‏{‏سبح اسم ربك الأعلى‏}‏ و‏{‏هل أتاك حديث الغاشية‏}‏ قال‏:‏ وإذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد يقرأ بهما أيضاً في الصلاتين، وصح عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه رخص لأهل العوالي فقط في ترك الجمعة، فأنت ترى الان اختلاف الأدلة واختلاف العلماء في هذه المسألة، ولكن على القول بسقوط الجمعة تكون الحكمة هو أنه حصل الاجتماع العام الذي شرعه الشارع كل أسبوع بصلاة العيد فاكتفى فيه بتلك الصلاة كما يكتفى بصلاة الفريضة عن تحية المسجد‏.‏

أما بالنسبة للسؤال الثاني فنقول‏:‏ نعم، من حضر الصلاة مع الإمام أجزأته عن صلاة الجمعة، وإن لم يسمع الخطبة على القول بسقوطها كما تقدم‏.‏

* * *

3031 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ ما الحكم لو صادف يوم العيد يوم الجمعة‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا صادف يوم الجمعة يوم العيد فإنه لابد أن تُقام صلاة العيد، وتُقام صلاة الجمعة، كما كان النبي عليه الصلاة والسلام يفعل، ثم إن من حضر صلاة العيد فإنه يعفى عنه حضور صلاة الجمعة، ولكن لابد أن يصلي الظهر، لأن الظهر فرض الوقت، ولا يمكن تركها‏.‏

* * *

4031 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ عن قراءة سورة السجدة والإنسان فجر الجمعة هل هو عام للرجال والنساء‏؟‏ وحكم القراءة من المصحف لمن لم يحفظ‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ نقول في الجواب على هذا السؤال‏:‏ ينبغي أن يعلم أن ما فعله النبي عليه الصلاة والسلام في صلاته من أفعال، أو قاله من أقوال فهو مشروع للرجال والنساء وللمنفرد وللإمام أيضاً، حتى يقوم دليل على التخصيص لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏صلواكما رأيتموني أصلي‏)‏، فهذا الحديث عام وشامل، فكل ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أقره، أو فعله في صلاته فإن الأصل فيه المشروعية لكل أحد إلا أن يقوم دليل على التخصيص‏.‏

أما القراءة من المصحف في حق من لم يحفظ فإن هذا لا بأس به، فيجوز للإنسان أن يقرأ في المصحف عند خوف نسيان آية أو غلط فيها ولا حرج عليه‏.‏ والله الموفق‏.‏

* * *

5031 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ هل من السنة المواظبة على قراءة سورة السجدة والإنسان في الجمعة دائماً‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ نعم كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بهما ‏(‏ويديم على ذلك‏)‏، وهذه اللفظة ليست في الصحيحين، ولكن لا تنافي ما في الصحيحين، لكن لو أنه خشي أن يظن العامة أن قراءتهما فرض فلا بأس أحياناً أن يقرأ بغيرهما مثل في الشهر مرة، أو في الشهر مرتين‏.‏

* * *

6031 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ يوجد بعض أئمة المساجد يقرأون في صلاة فجر يوم الجمعة بسورة الإنسان في الركعة الأولى والثانية، وبعضهم يقرأ سورة السجدة في الركعة الأولى والثانية، وبعضهم يقرأ نصف سورة السجدة في الركعة الأولى، ونصف سورة الإنسان في الركعة الثانية، فهل عملهم هذا صحيح‏؟‏ وهل نقول لهم بأن عملهم هذا بدعة جزاكم الله خيراً‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ لا نقول إن عملهم بدعة، لكننا نقول أن عملهم تلاعب بالسنة، إذا كانوا صادقين في اتباع الرسول عليه الصلاة والسلام فليفعلوا ما فعل، ولهذا وصف ابن القيم رحمه الله أمثال هؤلاء بالأئمة الجهال فنحن نقول‏:‏ إذا كان لديك قوة على أن تقرأ ‏{‏الم‏.‏ تنزيل‏}‏ السجدة في الركعة الأولى و‏{‏هل أتى‏}‏ في الركعة الثانية فافعل، وإن لم يكن لديك قوة فاقرأ سورة أخرى لئلا تشطر السنة وتلعب بها، فالسنة محفوظة كان الرسول عليه الصلاة والسلام في فجر يوم الجمعة يقرأ في الركعة الأولى‏:‏ ‏{‏الم‏.‏ تنزيل‏)‏ السجدة، وفي الركعة الثانية‏:‏ ‏{‏هل أتى على الإنسان‏}‏، فإما أن تفعل ما فعله الرسول، صلى الله عليه وآله وسلم، وإما أن تقرأ سوراً أخرى، أما أن تشطر ما فعله الرسول وتقسم ما فعله الرسول فهذا خلاف السنة ولا شك أنه تلاعب بالسنة، فافعل هدي نبيك محمد عليه الصلاة والسلام، وكن شجاعاً؛ لأن بعض الأئمة يقول‏:‏ إذا قرأت‏:‏ ‏{‏الم‏.‏ تنزيل‏}‏ السجدة في الركعة الأولى و‏{‏هل أتى على الإنسان‏}‏ في الركعة الثانية قالوا‏:‏ ليش تطول علينا‏؟‏ ليش تفعل‏؟‏ ثم صاروا فقهاء وهم عوام، يقولون كيف تطول بنا والرسول صلى الله عليه وسلم غضب على معاذ رضي الله عنه وعاتبه‏.‏

لكن نقول‏:‏ كل ما فعله الرسول فهو تخفيف، حتى لو قرأ‏:‏ ‏{‏الم‏.‏ تنزيل‏}‏ ‏.‏ و‏{‏هل أتى على الإنسان‏}‏‏.‏ ولهذا قال أنس بن مالك رضي الله عنه‏:‏ ‏(‏ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة ولا أتم صلاة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم‏)‏ ‏.‏

* * *

7031 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ يتبع بعض الناس طريقة لمحاسبة أنفسهم في أداء الصلوات المفروضة والسنن الرواتب، وهي أن يضع جدولاً، هذا الجدول عبارة عن محاسبة لأدائه الصلوات خلال أسبوع واحد، بحيث يضع أمام كل وقت صلاة مربعين، أحدهما للفرض والاخر للسنة الراتبة، فإذا صلى الفرض مع الجماعة وضع لصلاته تلك درجة، وإذا صلى الراتبة وضع لها درجة أيضاً، وإذا لم يصل لم يضع درجة‏.‏‏.‏ وهكذا، ثم في آخر الأسبوع يخرج مجموع الدرجات، وتشتمل الورقة على أربعة جداول لشهر واحد، ويقول هؤلاء‏:‏ إن مثل هذه الوسيلة تعين على المحافظة على أداء الفرائض والسنن، فما رأي فضيلتكم في هذه الطريقة‏؟‏ هل هي مشروعة أم لا‏؟‏ وما رأيكم في نشرها أثابكم الله‏؟‏ وهذه صورة الجدول‏.‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ هذه الطريقة غير مشروعة فهي بدعة، وربما تسلب القلب معنى التعبد لله تعالى، وتكون العبادات كأنها أعمال روتينية كما يقولون، وفي الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال‏:‏ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد فإذا حبل ممدود بين ساريتين فقال‏:‏ ‏(‏ما هذا‏)‏‏؟‏ قالوا‏:‏ حبل لزينب تصلي فإذا كسلت، أو فترت أمسكت به فقال‏:‏ ‏(‏حلوه، ليصل أحدكم نشاطه فإذا كسل، أو فتر فليقعد‏)‏ ‏.‏ ثم إن الإنسان قد يعرض له أعمال مفضولة في الأصل ثم تكون فاضلة في حقه لسبب فلو اشتغل بإكرام ضيف نزل به عن راتبة صلاة الظهر لكان اشتغاله بذلك أفضل من صلاة الراتبة‏.‏

وإني أنصح شبابنا من استعمال هذه الأساليب في التنشيط على العبادة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حذر من مثل ذلك حيث حث على اتباع سنته وسنة الخلفاء الراشدين، وحذر من البدع، وبين أن كل بدعة ضلالة‏.‏ يعني وإن استحسنها مبتدعوها، ولم يكن من هديه ولا هدي خلفائه وأصحابه رضي الله عنهم مثل هذا‏.‏

* * *

رسالة

فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ‏:‏ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد‏:‏

تسائلنا مع بعض العمال والوافدين إلى بلادنا في موضوع الأهلة التي توضع على المآذن ‏(‏المنائر‏)‏ كيف وضعها في بلادهم فأجابوا قائلين‏:‏ إنها توضع في بلادنا على معابد النصارى وقباب القبور المعظمة، أفتونا جزاكم الله خيراً والحالة هذه عن وضعها على مآذن مساجد المسلمين‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم‏.‏ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته‏.‏ أماوضع الهلال على القبور المعظمة فقد ذكر الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمهم الله تعالى 01/342 من الدرر السنية ما نصه‏:‏

‏(‏وعمار مشاهد المقابر يخشون غير الله، ويرجون غير الله، حتى إن طائفة من أرباب الكبائر الذين لا يتحاشون فيما يفعلونه من القبائح إذا رأى أحدهم قبة الميت، أو الهلال الذي على رأس القبة خشي من فعل الفواحش، ويقول أحدهم لصاحبه‏:‏ ويحك هذا هلال القبة‏.‏ فيخشون المدفون تحت الهلال، ولا يخشون الذي خلق السموات والأرض، وجعل أهلة السماء مواقيت للناس والحج‏)‏ اه‏.‏

وأما وضع الهلال على معابد النصارى فليس ببعيد، لكن قد قيل‏:‏ إنهم يضعون على معابدهم الصلبان والله أعلم‏.‏

لكن وضع الأهلة على المنائر كان حادثاً في أكثر أنحاء المملكة وقد قيل‏:‏ إن بعض المسلمين الذين قلدوا غيرهم فيما يصنعونه على معابدهم وضعوا الهلال بإزاء وضع النصارى الصليب على معابدهم، كما سمو دور الإسعافات للمرضى ‏(‏الهلال الأحمر‏)‏ بإزاء تسمية النصارى لها ب‏(‏الصليب الأحمر‏)‏ وعلى هذا فلا ينبغي وضع الأهلة على رؤوس المنارات من أجل هذه الشبهة، ومن أجل ما فيها من إضاعة المال والوقت‏.‏

* * *

فصل في مسألة جمع العصر إلى الجمعة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد

فقد كثر السؤال عن جمع صلاة العصر إلى صلاة الجمعة في الحال التي يجوز فيها جمع العصر إلى الظهر‏.‏

فأجيب مستعيناً بالله سائلاً منه الهداية والتوفيق‏:‏

لا يجوز جمع العصر إلى صلاة الجمعة في الحال التي يجوز فيها الجمع بين الظهر والعصر، فلو مر المسافر ببلد وصلى معهم الجمعة، لم يجز أن يجمع العصر إليها، ولو نزل مطر يبيح الجمع وقلنا بجواز الجمع بين الظهر والعصر للمطر لم يجز جمع العصر إلى الجمعة‏.‏

ولو حضر المريض الذي يباح له الجمع إلى صلاة الجمعة فصلاها، لم يجز أن يجمع إليها صلاة العصر‏.‏

ودليل ذلك قوله تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ الصَّلَوةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَباً مَّوْقُوتاً ‏}‏ أي مفروضاً لوقت معين وقد بين الله تعالى هذا الوقت إجمالاً في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏أَقِمِ الصَّلَوةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ الَّيْلِ وَقُرْءَانَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْءَانَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ‏}‏‏.‏

فدلوك الشمس زوالها، وغسق الليل اشتداد ظلمته، وهذا منتصف الليل، ويشمل هذا الوقت أربع صلوات‏:‏ الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء جمعت في وقت واحد؛ لأنه لا فصل بين أوقاتها، فكلما خرج وقت صلاة كان دخول وقت الصلاة التي تليها، وفصل صلاة الفجر؛ لأنها لا يتصل بها صلاة العشاء، ولا تتصل بصلاة الظهر‏.‏

وقد بينت السنة هذه الأوقات بالتفصيل في حديث عبدالله بن عمرو بن العاص وجابر رضي الله عنهما وغيرهما وهو أن الظهر من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله، ووقت العصر من حين أن يصير ظل كل شيء مثله إلى غروب الشمس، لكن ما بعد اصفرارها وقت ضرورة، ووقت المغرب من غروب الشمس إلى مغيب الشفق الأحمر،ووقت العشاء من غروب الشفق الأحمر إلى نصف الليل، ووقت الفجر من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، هذه حدود الله تعالى لأوقات الصلوات في كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم‏.‏

فمن صلى صلاة قبل وقتها المحدد في كتاب الله وسنة رسوله فهو آثم، وصلاته مردودة لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّلِمُونَ ‏}‏ ولقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد‏)‏ ‏.‏ وكذلك من صلاها بعد الوقت لغير عذر شرعي، فمن صلى الظهر قبل زوال الشمس فصلاته باطلة مردودة، وعليه قضاؤها‏.‏

ومن صلى العصر قبل أن يصير ظل كل شيء مثله فصلاته باطلة مردودة، وعليه قضاؤها، إلا أن يكون له عذر شرعي يبيح له جمعها تقديماً إلى الظهر‏.‏

ومن صلى المغرب قبل غروب الشمس فصلاته باطلة مردودة، وعليه قضاؤها‏.‏

ومن صلى العشاء قبل مغيب الشفق الأحمر فصلاته باطلة مردودة، وعليه قضاؤها، إلا أن يكون له عذر شرعي يبيح له جمعها تقديماً إلى المغرب‏.‏

ومن صلى الفجر قبل طلوع الفجر فصلاته باطلة مردودة، وعليه قضاؤها‏.‏

هذا ما يقتضيه كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم‏.‏

وعلى هذا فمن جمع صلاة العصر إلى صلاة الجمعة فقد صلاها قبل أن يدخل وقتها وهو أن يصير ظل كل شيء مثله فتكون باطلة مردودة‏.‏

فإن قال قائل‏:‏ أفلا يصح قياس جمع العصر إلى الجمعة على جمعها إلى الظهر‏؟‏

فالجواب‏:‏ لا يصح ذلك لوجوه‏:‏

الأول‏:‏ أنه لا قياس في العبادات‏.‏

الثاني‏:‏ أن الجمعة صلاة مستقلة منفردة بأحكامها تفترق مع الظهر بأكثر من عشرين حكماً، ومثل هذه الفروق تمنع أن تلحق إحدى الصلاتين بالأخرى‏.‏

الثالث‏:‏ أن هذا القياس مخالف لظاهر السنة، فإن في صحيح مسلم عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء في المدينة من غير خوف ولا مطر، فسئل عن ذلك فقال‏:‏ أراد أن لا يحرج أمته‏.‏ وقد وقع المطر الذي فيه المشقة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع فيه بين العصر والجمعة كما في صحيح البخاري وغيره عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى يوم الجمعة وهو على المنبر، فما نزل من المنبر إلا والمطر يتحادر من لحيته، ومثل هذا لا يقع إلا من مطر كثير يبيح الجمع لو كان جائزاً بين العصر والجمعة، قال‏:‏ وفي الجمعة الأخرى دخل رجل فقال‏:‏ يا رسول الله غرق المال، وتهدم البناء، فادع الله يمسكها عنا، ومثل هذا يوجب أن يكون في الطرقات وحل يبيح الجمع لو كان جائزاً بين العصر والجمعة‏.‏

فإن قال قائل‏:‏ ما الدليل على منع جمع العصر إلى الجمعة‏؟‏

فالجواب‏:‏ أن هذا سؤال غير وارد لأن الأصل في العبادات المنع إلا بدليل، فلا يطالب من منع التعبد لله تعالى بشيء من الأعمال الظاهرة، أو الباطنة، وإنما يطالب بذلك من تعبد به لقوله تعالى منكراً على من تعبدوا لله بلا شرع‏:‏ ‏{‏أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُواْ لَهُمْ مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ وَلَوْلاَ كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِىَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّلِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ‏}‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِى مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِى مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ‏}‏‏.‏ وقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد‏)‏ ‏.‏ وعلى هذا‏:‏

فإذا قال القائل‏:‏ ما الدليل على منع جمع العصر مع الجمعة‏؟‏

قلنا‏:‏ ما الدليل على جوازه‏؟‏ فإن الأصل وجوب فعل صلاة العصر في وقتها، خولف هذا الأصل في جمعها إلى الظهر عند وجوب سبب الجمع، فبقي ما عداه على الأصل، وهو منع تقديمها على وقتها‏.‏

فإن قال قائل‏:‏ أرأيتم لو نوى بصلاة الجمعة صلاة الظهر ليتم له الجمع‏؟‏

فالجواب‏:‏ إن كان ذلك إمام الجمعة في أهل البلد أي أن أهل البلد نووا بالجمعة صلاة الظهر فلا شك في تحريمه وبطلان الصلاة؛ لأن الجمعة واجبة عليهم، فإذا عدلوا عنها إلى الظهر فقد عدلوا عما أمروا به إلى ما لم يؤمروا به، فيكون عملهم باطلاً مردوداً لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد‏)‏ ‏.‏

وأما إن كان الذي نوى بالجمعة الظهر كمسافر صلى الجمعة وراء من يصليها، فنوى بها الظهر ليجمع إليها العصر فلا يصح أيضاً؛ لأنه لما حضر الجمعة لزمته، ومن لزمته الجمعة فصلى الظهر قبل سلام الإمام منها لم تصح ظهره‏.‏

وعلى تقدير صحة ذلك فقد فوت على نفسه خيراً كثيراً وهو أجر صلاة الجمعة‏.‏

هذا وقد نص صاحبا المنتهى والإقناع رحمهما الله على أن الجمعة لا يصح جمع العصر إليها، ذكرا ذلك في أول باب صلاة الجمعة‏.‏

وإنما أطلت في ذلك للحاجة إليه، والله أسأل أن يوفقنا للصواب ونفع العباد إنه جواد كريم‏.‏

كتبه محمد الصالح العثيمين في 21/6/9141ه‏.‏

بسم الله الرحمن الرحيم

فصل

قال فضيلة الشيخ جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء ‏:‏الفروق بين صلاة الجمعة وصلاة الظهر‏:‏

1 صلاة الجمعة لا تنعقد إلا بجمع على خلاف بين العلماء في عدده‏.‏

وصلاة الظهر تصح من الواحد والجماعة‏.‏

2 صلاة الجمعة لا تقام إلا في القرى والأمصار‏.‏

وصلاة الظهر في كل مكان‏.‏

3 صلاة الجمعة لا تقام في الأسفار فلو مر جماعة مسافرون ببلد قد صلوا الجمعة لم يكن لهؤلاء الجماعة أن يقيموها‏.‏

وصلاة الظهر تقام في السفر والحضر‏.‏

4 صلاة الجمعة لا تقام إلا في مسجد واحد في البلد، إلا لحاجة‏.‏

وصلاة الظهر تقام في كل مسجد‏.‏

5 صلاة الجمعة لا تقضى إذا فات وقتها، وإنما تصلى ظهراً؛ لأن من شرطها الوقت‏.‏

وصلاة الظهر تقضى إذا فات وقتها لعذر‏.‏

6 صلاة الجمعة لا تلزم النساء، بل هي من خصائص الرجال‏.‏

وصلاة الظهر تلزم الرجال والنساء‏.‏

7 صلاة الجمعة لا تلزم الأرقاء، على خلاف في ذلك وتفصيل‏.‏

وصلاة الظهر تلزم الأحرار والعبيد‏.‏

8 صلاة الجمعة تلزم من لم يستطع الوصول إليها إلا راكباً‏.‏

وصلاة الظهر لا تلزم من لا يستطيع الوصول إليها إلا راكباً‏.‏

9 صلاة الجمعة لها شعائر قبلها كالغسل، والطيب، ولبس أحسن الثياب ونحو ذلك‏.‏

وصلاة الظهر ليست كذلك‏.‏

01 صلاة الجمعة إذا فاتت الواحد قضاها ظهراً لا جمعة‏.‏

وصلاة الظهر إذا فاتت الواحد قضاها كما صلاها الإمام إلا من له القصر‏.‏

11 صلاة الجمعة يمكن فعلها قبل الزوال على قول كثير من العلماء‏.‏

وصلاة الظهر لا يجوز فعلها قبل الزوال بالاتفاق‏.‏

21 صلاة الجمعة تسن القراءة فيها جهراً‏.‏

وصلاة الظهر تسن القراءة فيها سرًّا‏.‏

31 صلاة الجمعة تسن القراءة فيها بسورة معينة، إما سبح والغاشية، وإما الجمعة والمنافقون‏.‏

وصلاة الظهر ليس لها سور معينة‏.‏

41 صلاة الجمعة ورد في فعلها من الثواب، وفي تركها من العقاب ما هو معلوم‏.‏

وصلاة الظهر لم يرد فيها مثل ذلك‏.‏

51 صلاة الجمعة ليس لها راتبة قبلها، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم من صلاها أن يصلي بعدها أربعاً‏.‏

وصلاة الظهر لها راتبة قبلها، ولم يأت الأمر بصلاة بعدها، لكن لها راتبة بعدها‏.‏

61 صلاة الجمعة تسبقها خطبتان‏.‏

وصلاة الظهر ليس لها خطبة‏.‏

71 صلاة الجمعة لا يصح البيع والشراء بعد ندائها الثاني ممن تلزمه‏.‏

وصلاة الظهر يصح البيع والشراء بعد ندائها ممن تلزمه‏.‏

81 صلاة الجمعة إذا فاتت في مسجد لا تعاد فيه ولا في غيره‏.‏

وصلاة الظهر إذا فاتت في مسجد أعيدت فيه وفي غيره‏.‏

91 صلاة الجمعة يشترط لصحتها إذن الإمام على قول بعض أهل العلم‏.‏

وصلاة الظهر لا يشترط لها ذلك بالاتفاق‏.‏

02 صلاة الجمعة رتب في السبق إليها ثواب خاص مختلف باختلاف السبق، والملائكة على أبواب المسجد يكتبون الأول فالأول‏.‏

وصلاة الظهر لم يرد فيها مثل ذلك‏.‏

12 صلاة الجمعة لا إبراد فيها في شدة الحر‏.‏

وصلاة الظهر يسن فيها الإبراد في شدة الحر‏.‏

22 صلاة الجمعة لا يصح جمع العصر إليها في الحال التي يجوز فيها جمع العصر إلى الظهر‏.‏

وصلاة الظهر يصح جمع العصر إليها حال وجود العذر المبيح‏.‏

صلاة الكسوفصلاة الكسوفصلاة الكسوفصلاة الاستسقاءعضها أي الزائد عما ذكرنا فيه نظر، أو داخل في بعض ما ذكرناه‏.‏ والله أعلم‏.‏

كتبه محمد الصالح العثيمين وتم ذلك في 51/6/9141ه‏.‏